إن تاريخ لغات العالم يمكن أن يعبّ ببلاغة عن الشخصية الحقيقية للشعوب وحركاتها الماضية، كما أنه يقدم بعض التلميحات العريضة للمستقبل.

وهو أيضاً تاريخ الناطقين بها، تنعكس من خلاله قوّة مستخدميها وثقافاتهم وفتوحاتهم ومستوى مقاماتهم، وأحياناً أقدارهم. فمن خلال دراسة لغاتهم يتكشّف لنا تاريخ العالم بأدق تفاصيله وابتكاراته المذهلة في التعليم والتربية والثقافة والدبلوماسية.

وهذا الكتاب، في تاريخ اللغات في العالم، لا يشرح الماضي ويتنبأ بالمستقبل، ولكنه يسرد لنا القصّة الرائعة للتنوّع في العالم، ويقدّم لنا مسحاً دقيقاً للمرونة المدهشة للغة الصينية على امتداد عشرين قرناً من الغزوات والحروب، ويضع خرائط لتقدّم اللغة السنسكريتية من شمال الهند إلى جاوة واليابان، ويقيس الصراع الذي أدى إلى ولادة لغات جديدة في أوروبا الحديثة، ويقيس الانتشار العالمي للغة الإنكليزية.

كما أنه يبيّن لنا أنّ لغات المستقبل مثلها مثل لغات الماضي، سوف تكون مليئة أيضاً بالمفاجآت مع التأكيد على أننا لكي نكتشف ما حدث في التاريخ عموماً ونعرف الفائزين والخاسرين الحقيقيين بين المجموعات البشرية، فإننا لا نستطيع أن نتجاهل محصلات الصراع اللغوي.